ليست وجوه الشباب الذين قتلتهم هي التي تسكن ذاكرتي. الشباب هؤلاء ماتوا، وأنا ادعو الله ان يرحمهم. هي وجوه لأناس آخرين تلك التي تذكّرني دائما بماضيّ، بتلك الايام التي كان القتل فيها أسهل عليّ من الضحك.
وجه تلك المرأة التي رأتني حاملا ابنها المقتول في احد شوارع بيروت وفي احدى ليالي حربها، هذا وجه لا انساه. اذكر كيف خرجت من المبنى الذي كانت تختبئ في مدخله مع باقي السكّان، واذكر كيف صارت تضربني على وجهي وهي تصرخ وتبكي وتدعو عليّ بالموت. اذكر كيف انها، في تلك اللحظة التي عرفت فيها بموت ابنها الذي أُصيب باربع رصاصات في صدره، لم تكترث بالنظر اليه او بضمّه بين ذراعيها. تركته على الارض حيث وضَعته، وصارت تضربني وتدعو عليّ بالموت.