يتعلم دراس اللغة العربية أن هناك طريقة صحيحة في الكلام والكتابة، عليه أن يقيس ما يقول ويكتب عليها. وتحيل هذه الطريقة إلى معجم اللغة العربية ونحوها وصرفها على نحو ما تشكلا قبل أكثر من ألف عام على يد نحّاة ولغويين ومعجميين، استثمروا ”الشعر الجاهلي“ والنص القرآني (وليس ”الحديث“، لكونه لم ينقل بحرفه، كما يقولون).
هذا هو ملخص إيديولوجية الفصاحة التي تتضمن أن هناك أصلا صحيحا قديما للأقوال، يجب العودة إليه وتحكيمه بما نلده أو نولِّده من أقوال جديدة. كان نوام تشومسكي، اللساني الأميركي، قد جعل من توليد عبارات جديدة، لم يسبق للمتكلم أن سمعها من قبل، الواقعة اللسانية الأساسية، وبنى تصوره لقواعد النحو التوليدي، ولبنيات نحوية فطرية، حولها.
ولدت الفصحى مع تقعيد اللغة العربية بدءا من القرن الثاني الهجري، أي منذ صار هناك معيار للكلام الصحيح. ”العامية“ والفصحى نتاج التقعيد، لم تكونا موجودتين قبله، كما الجنحة والجريمة والبراءة نتاج القانون، وكما ”الكبيرة“ و”الصغيرة“ و”الكفر“ و”الإسلام الصحيح“ نتاج الفقه. قبل التقعيد لم يكن هناك لغة فصحى وعامية (لا يبعد أنه كانت هناك قواعد ضمنية للكلام العربي الجيد). يقال إن ”الفصحى“ هي عربية قريش.
يتعذّر وجود المجتمعات بلا حركاتِ تمرّدفارس ساسين